Friday, December 29, 2006

نفخ البلالين ، ومجاذيب الحسين

تودع "الدين والديناميت" العام 2006 بأفراحه وأتراحه ومآسيه ومهازله وملاهيه التي تقتل من الضحك..

ولا يمكن الحديث عن هذا العام دون الحديث عن نوعين من مجاذيب الحسين ، النوع الأول فرقة "إلا البيروقراطية" المكونة من صحفيين ومسئولين حزبيين بيروقراط يدافعون بجنون عن سيطرة الفكر البيروقراطي على كل ما يخص المصريين ،والثاني فرقة جديدة بعض أعضائها من الفرقة السابقة تولول على حال الأزهر بعد أحداث الإخوان الأخيرة ، وتتساءل في بلادة و "سنتحة": أين كان الأزهر عندما اخترقه الإخوان؟

القاسم المشترك بين الفرقتين هو التشنج الذي يفوق ما يقوم به مجاذيب الحسين ، وأن كلاهما يستعبط!

أين كانت الفرقة الثانية طوال سنوات كان فيها الأزهر على مدى عقود مخترقاً من جميع الجهات ، صوفيين وإخوان وبترودولار وتيار سلفي؟

تناولت "الدين والديناميت" في موضوع سابق "امسك حرامي" في شهر يونية موقف بعض الشيوخ المحسوبين على المؤسسة الأزهرية من الاحتكار ، أعتقد أنه من السذاجة التفكير في مواقف معارضة للاحتكار داخل المؤسسة الأزهرية ، عطفاً على حقيقة أنه يوجد داخل الأزهر مركز اسمه مركز "الشيخ صالح كامل للاقتصاد الإسلامي".. الكلام على مين؟

تعاملت إدارة جامعة الأزهر ببلادة متناهية مع ما نشرته عشرينات ونشرته هنا نقلاً عنها عن وجود "طلبة غشاشين في مادة القرآن الكريم" داخل المؤسسة الأزهرية ، ولم نسمع عن أي ضوابط أو أي إدانة ، طبعاً لا تنتظر من الفرقة الثانية المشار إليها في بداية التدوينة أي إثارة للموضوع على خطورته .. السيد الفاضل رئيس جامعة الأزهر حاول استغلال الأمر مؤخراً في حربه على طلاب الإخوان.. مشكلة سياسية عنده أهم بكثير من أن يقف على منابر مساجدنا شيخ غشاش.. سلامتها أم حسن!

قانون تجريم الإفتاء من غير المتخصصين الذي نشرت عنه عدة مواقع وصحف وقدمته سابقاً في "القانون المامبو والمسخرة الجامبو" قبل أشهر كان نكتة العام على حق ، فلم يعد أحد يعرف من هو المتخصص من غير المتخصص ، وأساتذة الفقه المقارن الأزهريون المحترمون الأكارم متفرغون لاتهام بعضهم البعض بعدم التخصص ، إذا كان ذلك غريباً فإن الأغرب فعلاً هو أنك لا تجدهم يردون على أي من المفتين غير المتخصصين! تجدهم في موالد الصوفية والندوات ويتحدثون عن "تجديد الخطاب الديني" ويفرحون بلقب "مفكر إسلامي" -لقب يطلق عشوائياً هذه الأيام- في الوقت الذي يختفون بقدرة قادر عندما نحتاج لرأيهم واجتهاداتهم .. إن وجدت طبعاً..

قد يكون ما أثير عن "ميليشيا الإخوان" خطيراً ، لكنه لا يمثل واحداً بالمائة من فقدان أكبر جامعة إسلامية على وجه الأرض لمصداقيتها في الشارع الأمر الذي جعل شرائح من الناس تقبل على شرائط الميكروباص وقناة الناس ومواقع شلل الزعامة الدينية على النت ، من فشلها في تخريج الفقيه المجتهد والمهني المتبصر بأمور دينه ، من تقديمها لكريم عامر وأمثاله وهم كثر (مع شديد احترامي لصراحة هذا الرجل وبجاحته كما ذكرت سابقاً) ، وبالتأكيد لم يظهر كريم عامر من فراغ!

ولا تسأل عن الفرقة الثانية بالتأكيد عندما يطلق بعض الأزهريين تصريحات غير مسئولة من عينة أن الانتخابات تخالف مبدأً إسلامياً ، وأن من حق ولي الأمر شرعياً أن يفعل كذا وكذا في الانتخابات .. ضحك علينا اللادينيون لما قالوا يا بس بسبب هؤلاء وفرقة المجاذيب !

الحقيقة موجودة في كل مكان ، ولا تحتاج لتفتح موقع هذه المدونة أو غيرها لكي تراها ، كل ما أتمناه أن يمتلك القائمون على الأزهر شجاعة الاعتراف بالخلل الحادث حولهم والمتورطون فيه ،وجرأة اتخاذ التدابير لإصلاحه ، وعدم الاستماع لفرق مجاذيب الحسين وغيرهم ممن لا يهمهم الأزهر ولا مصر نفسها في شيء..

كل عام أنتم بخير ، وربنا يهدي العاصي ويشفي العيان!

Saturday, December 9, 2006

هل يلزم التفرغ للفقيه؟

من أهم ما كتب عن تشفير مباريات كأس العالم ما كتبه زميلنا المختفي "القانوني" .. أترك لكم رابط مقاله للقراءة..

أثار زميلنا حازم الشهير بالقانوني نقطة هامة جداً أعتقد أنها تحتاج إلى نقاش..

هل يشترط أن يتفرغ الفقيه تماماً للعلم الديني ولتدريسه؟ أم من الممكن أن يكون الفقيه ذا مهنة دنيوية أيضاً؟

ضرب حازم مثلاً بالإمام أبي حنيفة النعمان أحد أشهر المجتهدين الحقيقيين في التاريخ الإسلامي ، والذي كان تاجراً ، وأتاحت له التجارة القرب من شئون الدنيا والاجتهاد فيها.. كلام سليم..

ولكن..

ولكن لدينا مدرستان غريبتا الشكل في تلك المسألة ، مدرسة ترى أن الفقيه أو العالم الأزهري يجب أن ينعزل تماماً عن العالم المحيط ويفرط في التخصص ، أو بتعبير حازم "الشيوخ المترهبنون" - النموذجان السلفي والصوفي ، أما المدرسة الأخرى فهي المدرسة الشيعية التي تؤمن بما يسمى "ولاية الفقيه"..

في النموذج الأول يعيش الفقيه في كوكب آخر حدوده فقط الكتب القديمة ولغته العنعنة فحسب ، وبالتالي فإن أحكامه وفتاويه تصدر عنيفة وقاسية، وإن حاول التوغل في المسائل الدنيوية فإن النتيجة تكون كارثية، أما في الآخر فيتحول الفقيه إلى سياسي يفتي في مسائل سياسية صرفة لا علاقة لها بالفقه من قريب أو من بعيد.. تذكروا أيضاً أن السياسة لا أخلاقية بطبيعتها وفيها التحالفات والألاعيب.. كما أن مسألة الحكم ببساطة شديدة أعلى كثيراً من اختصاص أي فقيه ، وإلا لكنا سمعنا عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وقد تولى الخلافة (وهناك فقهاء كثر رفضوا مناصب سياسية وإدارية من بينهم حسب معلوماتي أبو حنيفة نفسه)..

حاول الأزهر إمساك العصا من المنتصف ، عندما أدخل العلوم الدنيوية داخل الدراسة الدينية ، وكانت النتيجة المنطقية نظراً لسوء التنفيذ هي وجود جيل من أكاديميي الأزهر وخريجيه رقصوا على السلم ، لا هم فقهاء مجتهدون ولا هم دنيويون نابغون.. وعادت الكرة إلى ملعب الأكاديميين الأزهريين المتخصصين أساتذة الفقه ، ومعهم بعض أساتذة التخصصات الأخرى الذين يحبون لعب دور الفقيه!

أنا مع حازم تماماً في صحة نظريته عن الفقيه الدنيوي ، الطبيب الفقيه أو المهندس الفقيه أو المصرفي الفقيه ..الخ..وأعرف أن وجوده سيضبط إيقاع الاجتهاد وسيقف في وجه البعض الذين يريدون العيش في دور المجتهد والمفكر ، أو في وجه أصحاب الاختصاصات الأخرى الذين قرروا لعب دور الفقيه دون دراسة أو فهم أو حتى إطلاع، لكن ثقة الناس بالفقيه الدنيوي في الوقت الحالي تبقى ضعيفة (فلان دكتور ..إش دخله في الفقه- حتى ولو كان أزهرياً قُحَّاً) ، بل إن فتاواه واجتهاداته ستكون عرضة للاتهام من حين لآخر (أي أن الرجل سيتهم بالتحيز لمصالحه الدنيوية إذا لم تأتِ فتواه "ع الكيف")..

لقد عشنا لقرون مع الفقيه المتفرغ ، وسنحتاج لبعض الوقت لكي نعود أنفسنا على الواقع الجديد..وقبلها لمزيد من الاستقلال الفكري والجرأة لدى القائمين على التعليم الديني ليخرجوا أشخاص على علمين ديني ودنيوي بحق وحقيق..

هذه هي وجهة نظري في المسألة ..والله أعلم .. فما هي وجهة نظركم أفادكم الله؟

Sunday, December 3, 2006

لحظة غضب

لم أكن أريد الكتابة عن أي موضوع آخر حتى تأخذ التدوينة السابقة حقها من النقاش .. لكن الأحداث تفرض نفسها .. وموضوع هذه التدوينة "ما يستناش" مهما حاولت تأجيله..

نشرت الأهرام خبراً أنقله عن "في البلد" عن مصلٍ حاول الاعتداء على إمام مسجد الإمام الحسين بالقاهرة..

دون الخوض في التفاصيل ، ومع إدانتي الكاملة لسلوك هذا المصلي ، إلا أنني في الوقت نفسه متعاطف معه .. ولا يشترط برأيي أن تعايش نفس ظروفه حتى تتعاطف معه ..

لا يوجد وسط في مجتمعنا بكل أسف ، إما أن يتدخل رجال الدين في كل صغيرة أو كبيرة حتى في السياسة بالفتاوى الغريبة ، وإما أن يعيش رجال الدين في برج عاجي عازلين أنفسهم عن العالم الخارجي وغير مبالين بالسلوكيات السائدة في المجتمع ولا بمن يعيشون فيه أساساً.. ولهذاالطرح ولذاك مؤيدون ينعتون معارضيهم بأبشع الأوصاف.. ولا يستطيعون التحاور مع غيرهم ولا مع أنفسهم..

المنابر والقنوات الدينية معزولة فعلاً عن حياة البشر ومشاكلهم وأوجاعها ، خطب تفوق الساعة وشرائط يتم تعبئتها ووعظ وصراخ وشخط وانفعال وافتعال، في الوقت الذي "فينا اللي مكفينا" ، ومطبوعات تمجد الإمام المجدد الفلاني وشيخ الطريقة العلانية وتتحدث عن تمايل الذاكرين بينما خلق الله يتمايلون ألماً من الفقر والجهل والفساد والتخلف والتطرف والبيروقراطية السياسية ، وقنوات دينية تستشعر أن أصحابها يعيشون في كوكب آخر غير الذي يعيش فيه كل "الناس"!

رغم التباين بين كل هؤلاء والأتاتورك إلا أني أرى أن المحصلة واحدة ، الدين في وادٍ والناس في واد ، رغم أن الدين يستهدف صلاح الدنيا والآخرة .. الفرق أن الأتاتورك يحرضون الساسة على فصل الدين عن الحياة وينظرون لذلك في وسائل الإعلام ، بينما يقوم الآخرون بذلك بأنفسهم ، بفرض شكل من أشكال الحياة "الدينية" الشكلية التي تبتعد أحياناً عن روح وربما نصوص الدين نفسه مصورين إياها على أنها أوامر الإسلام ونواهيه ، باستلاب الناس من الدنيا أمام الشرائط وفي الموالد وأمام الفضائيات ..الأتاتورك و "هؤلاء" يفصلون تماماً الدنيا عن الدين ، الفرق في نوعية الخيار الذي يغرون الناس باختياره..

النتيجة أنك تجد من يسمي نفسه مفكراً إسلامياً ويتساءل بعد أربعة عشر قرناً لماذا نزل الله هذه الآية ، في المقابل تجد من يصلي ويكذب ويعش ويرتشي .. والناس محاصرون بين الأول في وسائل الإعلام والثاني في الشارع..

كل هذا يحدث ولا تنتظرون غضباً؟ ألسناً لحماً ودماً في الأول والأخير؟

الكرة في ملعب الأزهر ، ووزارة الأوقاف ، وكل مذهب يقدم نفسه على أنه وحده صحيح الدين.. وإلا فإذا كنا قرأنا عن شخص واحد حاول الاعتداء على إمام مسجد ومنعه باقي المصلين ، ففي مرات قادمة سيهاجم كل المصلين الإمام كما لو كان لص أحذية في مسجد وليس إمام المسجد!

السكوت على ما يسبب لحظة غضب واحدة قد يتسبب فيما بعد في حالة غضب عارمة .. ومعظم النار من مستصغر الشرر.. دمتم بألف خير..

Friday, December 1, 2006

أحد الحصانين

قيل أن "مسطولاً" وسكراناً اشتريا حصانين ، ولأنهما رأيا أن الحصانين متشابهان بشكل يصعب تمييز كل منهما عن الآخر ، فأخذا يبحثان عن طريقة تجعل كل منهما يتعرف على حصانه بسهولة .. فاقترح المسطول قص ذيل "أحد الحصانين" ليبقى بلا ذيل بينما يحتفظ الآخر بذيله ، واستيقظا اليوم التالي ووجدا الحصانين بلا ذيل .. فمضى المسطول في نفس النظرية مقترحاً قطع أذن "أحد الحصانين" .. ثم رجلي "أحد الحصانين" .. ثم الرجلين الآخرين "لأحد الحصانين" ، وفي كل مرة يتكرر العطب في الحصانين معاً دون أن يجد الثنائي تفسيراً منطقياً لما يحدث ..وقبل أن يقترح المسطول قتل "أحد الحصانين" أفاق السكران ليخبره أن أحد الحصانين أبيض والآخر أسود!

اسمحوا لي أن أقرأ ما حدث مؤخراً بشكل هادئ ومختلف تماماً عما تم تناوله من قبل زملاء أفاضل عدة ..

لن أتناول هنا الآراء المختلفة في الحجاب ، سواء منها ما يقول بفرضيته ، أو حتى ما يقول أنه بدعة وضلالة .. ما وراء السطور أراه أكثر أهمية ، والتصاقاً بالدين وما نفعله به!

رغم أنني من دعاة ترشيد استهلاك نظرية التآمر ، فإنني أرى أن ما حدث كان مناورة مقصودة ، وتمثيلية من أولها لآخرها من بطولة الحزب الوطني البيروقراطي ، وشربها الإخوان كما شربت كل القوى السياسية مقلب المادة السادسة والسبعين .. تمثيلية تم حبكها "من فوق" -لأن "اللي تحت" لا يتمتعون بالحد الأدنى من الذكاء والخبث السياسي لعمل سيناريو يفوق حتى سيناريوهات وحيد حامد ..

ليس الغرض من تلك التمثيلية صرف الأنظار عن التعديلات الدستورية ، فهي تافهة وغير ذات قيمة وغير ذات تأثير على حياة المواطن المصري العادي محروق الدم - على الأقل مما يظهر لنا من خلال التسريبات الصحفية .. ولكن لتوصيل رسالة ما إلى المواطنين خارج قبة البرلمان : نحن قادرون على المزايدة الدينية أكثر من الإخوان الذين لا يملكون إلا إثارة قضايا شديدة الشكلية داخل البرلمان ..وأن هذا هو ما سيحدث عندما يصل الإخوان إلى السلطة يوماً ما .. مجرد تركيز على الفيديو كليب والحجاب والنقاب .. وأننا - البيروقراط لا سمح الله - نمثل البديل الآمن المحافظ على الهوية الدينية والقومية لمصر ..

ربما كنت أرى لوقت قريب أن فاروق حسني لم يقصد حرفاً مما قاله هذه المرة ، رغم تصريحه الكوميدي الشهير بأن الإسلام به أربعة أركان فقط ، لكن بالتمعن في السيناريو المرسوم بدقة نجد أن الكلام متعمد ومقصود الإلقاء به "على الترابيزة" في هذا التوقيت بالتحديد..

هاجت الدنيا وماجت ، هاج البرلمان وهاج مع الوزير أو عليه ، وبالتأكيد فإن الأصوات الهادئة التي ترى أن الوزير حر فيما يقول ولكن يجب أن يتخير ألفاظه بوصفه من واجهات النظام لم نسمع لها حساً وسط الضجيج ، فتلك المعارك التي يتم خوضها بتلك الطريقة تعتمد منطق "معايا ولا مع التانيين" .. أي أنك طالما لست معنا فأنت مع الإخوان.. وهنا بدأ الحديث عن حرية الرأي ، وعن عدم فرض الوصاية على العقول باسم الدين ، حديثان حقان يراد بهما الباطل ، فموقف البيروقراط ممن يختلف معهم فكرياً معروف ، وموقف البيروقراط من أكذوبة الزعامة الدينية في الإسلام معروف ومفضوح وأكثر خزياً حتى من أكثر جماعات الإسلام السياسي تطرفاً!

وفجأة تم احتواء الموضوع واعتباره كأن لم يكن ، سواء في المعسكر الحكومي أو في الإخواني.. أنا شخصياً لا أفهم كيف تم ذلك!

أنا شخصياً لدي عدة ملاحظات على ما حدث برمته..

أولاً .. أن البيروقراط والأتاتورك على ادعائهما الكاذب والمستمر بنصرة الحريات استخدموا منطق "معانا ولا مع التانيين" المشار إليه ، بل تطرف بعضهم في التلميح في إطلاق أوصاف عامة على كل المحجبات ، ولم يتبق تقريباً إلا التأكيد على أنهن عضوات في تنظيم سري..وهذا يؤكد للعيان أن الإقصائية شيء موجود في كل الاتجاهات السياسية والفكرية في مصر على الأقل ، سواء أستندت لمرجعية دينية أم عالمانية..

ثانياً .. أن الإخوان لم يقدموا بأعضائهم الثمانية والثمانين أي جديد يتناسب مع مرجعيتهم ، فالاستجوابات في معظمها انحصرت حول نقاط شديدة الشكلية بعيدة عن ما انتخبهم الناس من أجله .. هذا يجعل الناس باعتقادي على يقين تام بأن أي اتجاه سياسي ذا مرجعية دينية لن يكون قادراً على إدارة البلاد إن تمكن من الوصول لسدة الحكم ..

ثالثاً .. وهو الأهم .. أن ما حدث كان سابقة من البيروقراط أخطر من أن يتم تجاهلها .. استخدام الإرهاب الفكري داخل قبة البرلمان .. ليس ضد فاروق حسني ولكن ضد المستقلين "فعلاً" داخل البرلمان وضد أدوات تحريك الرأي العام .. فبهذا المنطق أي وزير يملك صكاً ضمنياً لا يحاسب بدوره داخل القبة على ما يقول أو يفعل .. لأنه سيكون في تلك الحالة محسوباً على الناس التانيين.. وعليه فإن على أي نائب ، أو أي كاتب إن رأى أن تصريحات وزير ما "تفتقد للقليل من اللباقة" أو أنه "تعامل بتراخٍ مع أحكام القضاء" .. فإن نهاره أسود من فانلة حكام كرة القدم القديمة!

قد أحترم القدرات التنظيمية للإخوان الذين لا يختلف اثنان حتى من أشد مخالفيهم على أنهم "بيلعبوها صح" .. لكن مضار وصول الإخوان للبرلمان بشكلهم الحالي أكبر بكثير من منافعه .. ربما كانت التمثيلية لتختلف شكلاً وموضوعاً ووقاحة لو كان أصحاب المقاعد الثمانية والثمانين في "مقلة الشعب" من الناصريين أو القوميين .. لكنها كانت لتكون مستساغة أكثر لأن "الطرف الآخر" في هذه الحالة لا ينطلق من مرجعية دينية .. أقله لأنني كمواطن مسلم مصري أربأ عن الدين في الدخول في مزايدات سخيفة كتلك..