Thursday, August 31, 2006

عين .. كاف

عين كاف هو الدلع الذي افتكسه العبد لله لكلمة "عك" .. وهو الوصف الدقيق لأمور كثيرة عشناها ونعيشها مع من جعلوا الدين لعبتهم ، وقرروا اللعب به ،وبنا أيضاً ، سواء من "المفقرين" من عينة فلان يتهم الله عز وجل بالديكتاتورية ، أو من مشايخ البوكيمون والجماعات والملالي والطرق والكباري ، أو حتى من المفتين الرسميين في العالم العربي ومنهم من ظهر علينا مؤخراً يعتقد أن منكر كرامات الأولياء (لم يحدد حتى الأولياء الحقيقيين أم التايوانيين مع الاحترام لشعب تايوان الصديق) "قد" يخرج عن الملة!

نبدأ مثلاً بقصة خطة إدارة المسجد الحرام لإبعاد النساء عن الصلاة فيه ، وعن ما يتردد عن تصرفات غير مقبولة طبقاً لما قالته سهيلة زين العابدين في متن الخبر الذي أنقله عن قناة العربية السعودية ..

الكعبة المشرفةالفتوى العبقرية أراد أصحابها توصيل عدة رسائل ، منها يريدون القول بأن السادة يراعون المصالح العامة ، وأنهم غير متشددين على الإطلاق ، ولا أعرف لماذا يسمح بالاختلاط في رحلات شركات الطيران السعودية ليتم منعه داخل الحرم؟ .. أما عن الطرد والمنع من الصلاة كما جاء في متن الخبر فهناك حديث صريح ما معناه "لا تمنعوا إماء الله أن يصلين في المسجد"..

صحيح أنني لا أرى تمييزاً ضد المرأة في وجود مكان مخصص لها داخل المسجد ، لكن هذا يسري على أي مسجد آخر غير الحرمين ، وصححوني إن أخطأت ، فالحرم المكي بالذات له حالات استثنائية كثيرة تختص بأداء الصلاة فيه والطواف والاصطفاف .. الخ..

أمر يثير الغضب بحد ذاته..

لكن ما يغضب أكثر هو رد فعلنا تجاه هذه الهراءات .. ولنكن صرحاء..

عندما قرر العباقرة هناك أيضاً تغيير بداية شهر ذي الحجة قبل عامين لم ينطق أحد ، بدعوى أنها "كلها أيام ربنا" .. رغم أن ما حدث هو عبث صارخ يضر بشريعة من شعائر الله ، ولا يعقل من دولة تطالب بعمل قمر صناعي لاستطلاع الهلال أن تتصرف بهذا الشكل الغريب الذي لا يجني منه المسلم إلا الإصابة بالحول الديني..

الكعبة المشرفةوباسم الصالح العام خرج علينا مفتي الديار بفتوى مستفزة وغريبة الشكل يبيح فيها استخدام مآذن المساجد كأبراج تقوية لإرسال إشارات التليفون المحمول ، رغم أن أصحاب المنازل التي تقام فوقها تلك الأبراج يشكون مر الشكوى من الآثار الصحية الضارة لها على الآهلين فيها .. فيقوم مفتي الديار مشكوراً بتحويل الضرر من أسطح المنازل لمآذن المساجد ، من بيوت الناس إلى بيوت الله .. وإيه .. لم يعترض أحد .. ولم يكتب عن ذلك سوى جمال سلطان في المصريون.. بل إن القليلين فقط ألقوا بالاً لرأي أخطر لفضيلة المفتي بشأن مسألة الانتخاب ، ولم نسمعه أدلى بدلوه هذا قبل انتخابات الرئاسة أو انتخابات مجلس الشعب ..

لم يعترض أحد على التبويب الظريف من قبل أحمدي نجاد للمسلمين وتقسيمه للعالم الإسلامي على مزاجه الشخصي ، ولا على انتهازية بعض المذاهب أو الشلل الساعية للزعامة الدينية الأكذوبة في حرب الفتاوى والفتاوى المضادة في فترة العدوان على لبنان.. لم يعترض أحد طالما الموضوع لم يمسه بشكل مباشر أو غير مباشر .. وما نفلح فيه هو المطالبة بعلو الصوت بمقاطعة الأمريكان والإسرائيليين (حتى يكسب رجال الأعمال المنتمين لاتجاهات دينية بعض الملاليم) والدعاء على أعداء الدين ، ولا نرفض هذا العك بقلوبنا وعقولنا ..

نحن إذن شركاء فيه .. وطالما لا نعترض فلا يحق لنا الشكوى أبداً..

Thursday, August 24, 2006

أنا مش حأقول!

هناك وقائع أكتب عنها باستفاضة وأطرح أسئلتي البرييييييييييئة جداً بغزارة وبين السطور .. لكن هناك وقائع أخرى تطرح أسئلتها بنفسها دون حاجة إلى جهد أو تعليق.. ومنها هذه الواقعة..

أحيلكم لتدوينة سابقة "وكانت المساجد لله" ، وأكتفي بثلاث كلمات: إيه دة بالضبط؟

Wednesday, August 23, 2006

مفتية للنساء فقط..تيجي إزاي؟

قنبلة جديدة قديمة توشك على الإنفجار ، وهي مسألة فكرة تولي المرأة لمنصب مفتي الديار..وهي سابقة لا أعتقد حسب معلوماتي المتواضعة أنها حدثت في بلد إسلامي من قبل..

صحيح أن "المناوشات" بدأت حول قيام المرأة بالإفتاء من عدمه ، و تولي المرأة الإفتاء للنساء، لكن "القتال الحقيقي" حول تولي المرأة منصب "الإفتاء العام" على مستوى القطر..أما المرحلة "الحالية" من "المعركة" فلا تزال في قضية اشتغال المرأة بالفقه والفتيا ، إلا أن "التصعيد" وارد ومحتمل..

د. سعاد صالحوإذا ما ذكرت تلك المعركة فإن اسماً واحداً سيفرض نفسه ، اتفقنا أو اختلفنا معه ، وهي أستاذ الفقه بكلية أصول الدين الدكتورة سعاد صالح ..والتي عرفناها من خلال فتاواها المثيرة للجدل على شاشات الفضائيات وصفحات الجرائد ، وانتقادها الأشهر لمنصب مفتي الديار المصرية في ذاته .. وقد يبرر هذا الانتقاد - بل لنقل التهكم - بتهرب شيخ الأزهر ومفتي الديار الحالي الدكتور علي جمعة من طلبها باستخراج قرار رسمي يخولها ، ويخول غيرها من الفقيهات ، الإفتاء للنساء ، رغم أن المفتي السابق الدكتور نصر فريد واصل قد سمح لها ، بحسب عشرينات ، على منحها ثلاث أيام أسبوعياً ، وبشكل تطوعي للإفتاء في مسائل النساء الفقهية..وإن كان ألقى بالكرة في ملعب شيخ الأزهر ..وإن كان يرجح "أن هذا القرار يجب أن يكون قرارا جمهوريا صادرا عن رئيس الجمهورية"!

يهمنا هنا أن الدكتورة سعاد صالح لم تطالب بتعيينها مفتياً ، أو مفتيةً للديار ، كما لم تطالب بمنصب مشيخة الأزهر لأنها تعتبر ذلك من باب "الإمامة العظمى" ، ولكن "كل ما طلبته هو أن يكون هناك من يفتي في أمور النساء. وذلك جائز شرعا بإجماع العلماء"..

ومع اختلافي معها ومع أسلوبها ، فإن في ما قالته سواء في عشرينات ، أو في الشرق الأوسط اللندنية (باستثناء ما قالته طبعاً عن تضارب الفتوى وهو رأي يفسر الماء بعد الجهد بالماء) ، أو لإسلام أون لاين دوت نت في سياق متصل كثير من المنطق .. لا يوجد مانع على أساس النوع يمنع المرأة من ممارسة العمل الفقهي أو الإفتاء في المسائل الفقهية.. وإلا لماذا فتح الأزهر أبوابه للنساء لتلقي العلم الفقهي والدعوي؟.. هل للوجاهة مثلاً (كما فعل بتدريس العلم الدنيوي إلى جانب العلم الديني والمحصلة "محلك سِر!)؟

إذن لا توجد أي مشاكل في إفتاء المرأة عموماً .. وأهلاً بالفقيهات المستنيرات الفاهمات في ظل زمن الحَوَل الفقهي الذي نعيشه..

لكن السؤال الذي يسأله كثير من الناس ومَثَّلَه وبوضوح تعليق على نفس التقرير في عشرينات : هل هناك فقه للرجل وفقه للمرأة؟ هل توجد "فئوية" في الفقه؟ مع تسليمنا بأن هناك أحكاماً خاصة بالمرأة في بعض العبادات .. فالفقه واحد ، ويفترض بالفقيه(ـة) الإلمام به كله سواء أحكام الرجال أو النساء أو الأطفال أو الشيوخ.. لماذا لا تمارس المرأة بنفس المنطق الإفتاء عموماً بغض النظر عن إن كان للنساء أو للرجال؟

ومسألة تولي المرأة منصب مفتي الديار تبقى نقرة أخرى ، شائكة ، ومعقدة ..خاصة وأننا لم نسمع حتى في تركيا عن تولي المرأة منصب المفتي العام.. ونفس الأمر ينسحب طبعاً على منصب شيخ الأزهر! .. والخوف أن تتحول المسألة إلى موجة وإلى مظهرية فجة ووجاهة .. وبالمرة لتعليق المزيد من الخيبة والوكسة على شماعة الدين كالمعتاد!

Saturday, August 12, 2006

دوللي .. "تقفيل" إيراني!

مفاجأة غريبة نشرتها عدة مواقع نقلاً عن سي إن إن ..إيران تستنسخ نعجة على غرار النعجة دوللي!.. ليس ذلك فحسب..بل طبقاً لمتن الخبر فإن الشهور القادمة ستشهد استمراراً لمحاولات الاستنساخ .. والتي الغرض منها "تحويل إيران إلى مركز استراتيجي لعلوم الطب والتكنولوجيا النووية"..

النعجة دولليبغض النظر عن المغزى الإعلامي لتسريب الخبر بعد مضي ثمانية أيام على رحيل النعجة المستنسخة .. فإن ما يهمنا هنا هو حصول هؤلاء العلماء على المباركة من المراجع الشيعية في طهران للاستمرار في تلك التجارب ، في الوقت الذي لا تخفى فيه سمعة المراجع الشيعية وغير الشيعية الذهبية في مجال "التشدد" أحياناً في مسائل دنيوية قد تكون أقل إثارة للجدل ألف مرة من الاستنساخ!

إباحة الاستنساخ الحيواني والنباتي تثير العديد من التساؤلات لدينا هنا ، أولاً عن علاقة الفتوى بالعلم ، وبالحياة عموماً ، وثانياً عن الحد الأدنى من التفاهم بين أصحاب الفتوى وأصحاب العلوم..

نتحدث عن ذلك في وقت يفترض فيه أن الأزهر - بجلالة قدره- دَرَّسَ العلوم الدنيوية إلى جانب العلوم الدينية لتخريج من يفترض بهم أنهم كوادر تجمع ما بين العلم الديني والثقافة الدنيوية .. وتحولت تلك التجربة ، لأسباب ما ، إلى ما يشبه محاولة تقليد النعامة للنسر ، فلا هي وقفت على الأرض ولا هي طارت .. ولذا فإننا نجد في أحيان كثيرة خريجي الكليات الدنيوية الأزهرية يضربون "بكل ما ينتعل" الأمثال في الضبابية والتشويش واللخبطة الفكرية.. ولماذا لا؟ والتجربة نفسها تمت بشكل مثير للشفقة ، وبلا تقييم أو تقويم ، والنتيجة فشل في القيام بدور القنطرة بين العلمين الديني والدنيوي..

إذن فلا حل للتيه الذي لا زلنا نعيشه بشأن موت جذع المخ ، والبنوك ، و...و... و... إلا بأن يتنازل رجال الدين والمتخصصون (الذي فشل الأزهر في تفريخ أمثالهم بمعاييره)ويتحاورون بشكل مثمر للوصول لحل ، بشجاعة وتفتح بغض النظر عن مصالح أصحاب المصالح المؤيدين للفتاوى أو معارضيها..حتى لا تسير الدنيا ونحن متوقفون ، وحتى لا يظهر من يظهر ليقول بعلو الصوت أن الدين هو سبب تخلفنا عن الركب..

في إيران رجال الدين أشبه بالجنرالات وهم يرسمون خطوط الحياة العريضة للشعب الإيراني بل ولكل ما دخل في تصنيفهم على أنه إسلامي.. تماماً كالكنيسة في بعض فترات التاريخ الأوروبي ..أمر مرفوض من حيث المبدأ.. ولكننا هنا في بلد يتغنى طويلاً بالاعتدال والوسطية نحاول تقليدهم (ومنا من يرى طريقتهم هي المثلى) ، فمشايخ ودكاترة الأزهر يرفضون فتح أي حوار مع متخصص للوصول لفتاوى يمكنها حل مشاكل العديدين من الناس دون مخالفة شرع الله .. ويزيد على ذلك سوءاً عدد ممن يطلقون على أنفسهم المفكر الإسلامي أو الباحث الإسلامي ، ولا شغل لهم ولا مشغلة سوى البحث في العقيدة ، وفي أمور العبادات المحسومة منذ أربعة عشر قرناً فقط ، وتذكير الناس بأنهم "مفكرون" -يعني يعرفوا أحسن منك-وبأنهم "إسلاميون"-يعني تقوم تقف وانت بتكلمهم- كل ذلك وهم منعزلون عن مشاكل وهموم مجتمعهم ومستجدات العصر إلا فيما يخدم الشهرة والوجاهة .. أما بالنسبة للمجتمع الإسلامي الذي يتحدثون باسمه .. فالحيطان كثيرة يخبط رأسه بأيها شاء!

خلاصة القول : قد يرى البعض موقف رجال الدين الإيرانيين ضمن مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" ، وقد يراه البعض الآخر تفتحاً واستنارة من جانبهم .. وفي كل الحالات فإن المؤكد أن جنرالات الدين طهران قد تحاوروا واستمعوا .. فمتى يستمع جنرالاتنا؟..أم من يجب عليه الاستماع ، والسمع ، هو نحن عندما يفتي أحدهم على سبيل المثال بحرمة الانتخاب ووجوب البيعة؟

Wednesday, August 9, 2006

الإسلام ما فيهوش انتخابات.. كلام قاله المفتي!

أعلم أنني أثقل عليكم بالمصائب والمساخر في وقت تزداد الأحوال في لبنان سوءاً على سوء .. لكن ما نشرته الوطني اليوم بتاريخ الأمس لا يستحق السكوت ولا الفرجة أبداً .. فهو أمر لا يقل خطورة عن التساهل المريب للأزهر في مراجعة الكتب والمطبوعات ، التي يزعم أصحابها أنها روجعت أصلاً داخل المؤسسة الأزهرية..

الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصريةنشرت الصحيفة أن فضيلة مفتي الديار المصرية قد استبعد أن تكون هناك أي انتخابات للقيادات الدينية في مصر .. والسبب هو "الانتخاب مخالف لمبدأ إسلامي هام وهو«ان من يطلب الولاية فلا ولاية له» وأن تطبيق الانتخاب يحتاج إلي ترشيح واظهار رغبة المرشح للمنصب وبذلك فإنه يكون قد طلب الولاية. وعليه لا تصح توليته»"!

الكلام ما زال للوطني اليوم : هذا التصريح أدلى به فضيلة المفتي ولم يراجعه ونشرته الوفد أيضاً!

في نفس الصفحة على موقع الوطني اليوم أدلى عدد من الكتاب بآرائهم ، فـ جمال البنا لم يترك الفرصة ليستعرض علينا قائلاً أن الانتخابات للمجلس التشريعي وهو ليس سلطة تشريعية!.. أما يحيى القلاش سكرتير عام نقابة الصحفيين فأكد أن كلام فضيلة المفتي "مثير للفتنة".. ويتساءل .. كما أتساءل أنا معه : ما البديل للانتخابات إذن؟..أما الدكتور يحيى الجمل فكان الأكثر هدوءاً في مواجهة هذا الكلام الخطير ..وتفوق ببراعة أسلوبه المعتاد على فشحاطات جمال البنا في ذكر معنى طالب الولاية طبقاً للمبدأ المذكور في تصريحات المفتي الخطيرة..والمقصود به المنافقون والمتزلفون .. وللدكتور صلاح قنصوه كلام -على عنفه- عن المفتي يستحق النقاش الهادئ دون انفعال يتلخص في أن المفتي ليس له أي سلطة دينية ، ولا ينبغي له الكلام في المسائل العصرية*..

ما علينا .. الكلام خطير فعلاً ، وصادم أن يخرج من فضيلة المفتي .. قد تكون هناك حساسيات بالنسبة لعلماء الدين في مسائل الانتخاب خوفاً من شبهة السعي للسلطة الدينية ، لكن هل معنى ذلك أن ألغي الانتخابات في كل مكان فقط لأن المترشحون هم طالبو سلطة؟

أذكر هنا بأن الانتخاب يعني أمرين : ترشح فلان للمنصب ، واختيار الناس لفلان أو لغيره على رأس المنصب .. بالنسبة للشق الأول ..أشدد هنا على كلام الأستاذ يحيى الجمل العقلاني والموضوعي ، فالكلام في حديث الرسول (ص) لعبد الرحمن بن سمرة والمذكور في صحيح مسلم موجه للصحابي ، بغرض تربية الوازع الداخلي لدى المقدم على السلطة ، والمسألة هنا هي التزلف والنفاق والاستعراض وطلب الشهرة ، فالسلطة بطبيعتها قوة إن لم تملكها أنت ملكتك ودفعتك دفعاً للفساد والاستعلاء.. ولكن للأسف فهم البعض هذا الحديث فهماً خاطئاً ومغلوطاً ، فاعتبروه حثاً للمسلمين على السلبية والبعد عن القيام بأي دور إيجابي ، ..وهذا أمر طبيعي بالنسبة لمن يتعامل مع الحديث بنية النقض لا بنية الفهم..

إن من يتقدم لمنصب عام يجب أن يفهم الحديث ، أن يتقدم له وهو لديه تصور وبرنامج وخطة وأي شيء يريد تنفيذه لصالح المجتمع الذي أعطاه أصواته ، تقدم وتوكل إن كانت لديك القدرة ، أما إن كنت مثل نصف أعضاء المجلس (غير) الموقر ، فاقعد في بيتكم أحسن لك (ولنا)!

هذا عن الشق الأول في مبدأ الانتخاب ، التقدم ، يبقى الشق الثاني ، الاختيار..

ترك الاختيار للناس أمر معروف في الإسلام بحكم مبدأ الشورى ، وبعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام لم تظهر آلية واضحة لاختيار رأس السلطة في الدولة الإسلامية ، في مجتمع تختلف ظروفه شكلاً وموضوعاً ، فظهر موضوع البيعة ، ومن بعده الانتخاب ، دة مستجد ودة كمان مستجد ، زي ما قبلت دة تقبل دة ، بعيداً عن الـ"ناس" اللي ما بتتعاملش مع الانتخاب كمستجد دنيوي مكتفين بالبيعة اللي اعتبروها صميم الدين!

التصريح بكل المقاييس صدمة ، ولابد أن يؤخذ على محمل الجد .. والكرة في ملعب المفتي ليصحح ما قاله أو ليوضحه..

* الدين والديناميت : وإن ظهر مستجد له شق ديني ويريد الناس معرفة حكمه الشرعي ، هل "يخرس" فضيلة المفتي ؟ أم يسأل أهل الذكر في المجال ويعمل عقله في الموضوع في إطار قواعد الفقه ويلقي بفتواه؟ .. معلهش يا دكتور صلاح.. طلعت أوت!
الصورة من إسلام أون لاين..

Tuesday, August 8, 2006

الفضيحة .. والجلاجل

رغم ما نعيشه من مهازل داخلية وخارجية .. أحياناً يأتي البعض ، باسم الدين طبعاً ، ليقدموا لنا كوميديا من نوع خاص ، كوميديا تجعلك تضحك وتصرخ وتلطم في آن واحد..

أدين لزميلتنا مي2 بهذه الواقعة التي نشرتها قبل ثلاثة أسابيع في مدونتها ، حيث فوجئت هي كما فوجئنا جميعاً بالاكتشاف المذهل لأحد حملة الدرجات العلمية بالأزهر بأن أسماء الله الحسنى المعروفة لدينا "ليست كلها بأسماء" ، وإنما هي مقتبسة من أفعال! ، وأنه بالدراسة الحديثة !باستخدام الحاسب الآلي للقرآن الكريم والسنة المطهرة تم "التوصل" إلى أسماء الله الحسنى الصحيحة من وجهة نظر الباحث و هي كالتالي

وعندما تدخل على الموقع الرسمي الخاص بهذا الاكتشاف المذهل ، تكتشف أن الدكتور صاحب الاكتشاف قد اكتشف أن اسماً كـ"مالك الملك" ليس من الأسماء الحسنى ، رغم أنه ذكر بنص القرآن الكريم في سورة آل عمران في الآية السادسة والعشرين ، ونفس الشيء ينطبق على "ذي الجلال والإكرام" المذكور صراحة في ختام سورة الرحمن!.. أي "عيِّل" درس في الأزهر يعرف أنه لا اجتهاد مع وجود النص الصريح.. فما بالك لو كان صاحب شهادة الدكتوراه!

قد يدافع البعض عن صاحب الموقع واصفاً إياه بأنه يبذل جهداً لتنقيح التراث الإسلامي من الكذا والكذا .. لكني على المستوى الشخصي أراه مثل "أصحاب الاكتشافات المذهلة" التي من بينها مثلاً أن للفجر أذانين لا واحد وأننا نصليه في الوقت الخطأ ، وغيرها من الأشياء الغريبة التي تصيب المسلم بالحول أكثر وأكثر.. ولا يسئل هؤلاء عن شيء اسمه فقه الأولويات.. وأنا واثق إن سمع هو أو غيره انتقاداً من أي نوع ، لهاج وماج واعتبر هذا المنتقد أو ذاك من أنصار الجمود ومن أعداء الاجتهاد .. اجتهاد مين؟

الكارثة الحقيقية تكمن في التصريح الأزهري نفسه .. وهو ما ينطبق على مطبوعات كثيرة تتم مراجعتها داخل الأزهر تحمل من الأفكار غريبها ومستفزها..

أولاً .. الأزهر وافق على الطبع ،ولم يراجع .. وهذه مصيبة ، ثانياً : دققوا في هذه العبارة المكتوبة صراحة في نص التصريح:

"وليس في الأسطوانة المذكورة ما يتعارض مع العقيدة الإسلامية ، ولا مانع من طبعها أو من نشرها على نفقتكم الخاصة ، مع التأكد من ضرورة العناية التامة بتصوير الآيات القرآنية من المصحف ، وأيضاً العناية التامة بالأحاديث النبوية الشريفة وعزوها إلى مصادرها"!

يا نهار أسود!.. إذن من الممكن أن يحصل أي صاحب كتاب أو سي دي على إذن كهذا ، ثم يضيف فيه من الأحاديث الضعيفة والموضوعة ما يشاء .. وكيف لا .. فقد حصل على الرخصة ، من دون مراجعة ولا نقاش ولا دياولو..

صحيح أنه قيل في قناة اليوم أنهم راجعوه ، لكن نحن لنا الوثيقة الرسمية المنشورة ، والتي لا تشير أبداً إلى ذلك!

إذن لا عجب من وجود شرائط مشايخ البوكيمون ، و مطبوعات من عينة "الفتوحات العزمية" ، وغيرها .. ومن يطالب بمراجعة وتنقيح هذه الأشياء فهو يقف ضد الصحوة الإسلامية ، تماماً كمن ينتقد حظر "كتب الكتاب" في المساجد ، "يعني سايبين هيفا ونانسي وماسكين لنا في الكلام الديني"!

سؤالان أخيران : أنا مؤمن بالله وأسمائه وصفاته ، فبماذا يفيدني هذا الاكتشاف كمسلم؟ وهل إن كانت الأمور في الأزهر هكذا، كيف نثق بالمؤسسة التي فقدت السيطرة على نفسها، والتي تؤكد أن الصورة السلبية للأزهر في الشارع ليست فقط من صنع جماعات الإسلام السياسي والمعارضين فقط ، بل أن لها جذوراً قوية ومتينة على أرض الواقع؟

لكل فضيحة جلاجل ، دمتم بألف خير..